Friday, May 1, 2020

قُل للبلادِ أُحِبُّكِ
لكنما حتى الحياة هنا
يا بِلادُ تموت
ستبتَسمُ البِلادُ ولن تُجيب

قُل للبلادِ أُحِبُّكِ
عُمّراً تفرّق عُمرُهُ
بين اللِحى والبوت
ستبتَسمُ البلادُ
ثُم تُجيبُ -بصدقها المعهودِ-
ليس يُحِبُّني الذي يحتارُ
بين مواكبي وبين مراكِبِ الطاغوت

إنتهى زمنٌ الضلاليين بُنيَّ
لا تأوِ إلى جبلِ الحيادِ
ولا تأمن سفينةَ من يبيع الأرض
ثم يداهِنُ الجبروت

أنا الطوفان يا ولدي
فلا فُلكٌ لتحمِلهم
ولا جبلٌ ليعصِمهم
حين يفورُ تنّورُ البيوت

يا بِلادُ أُحِبُّكِ
يُحبُّني هذا -أشارت للبعيدِ-
أسرىٰ بهِ توقٌ
عرجت به رصاصةٌ
وهو يُميطُ عن وجهي أذىً
ويفِكُ -في حُبٍ- إساري

يا بِلادُ أُحِبُّكِ
يُحِبُّني هذا -أشارت للقريبِ-
هذا الأمينُ عليَّ
ألقوا بهِ في السِجنِ
قالوا أراد بأهلكِ سوءً
لكن قريباً سوف تذوي -أمام هيبتهِ- "الطوارئ"

يا بِلادُ أُحِبُّكِ
يُحِبُّني هذا -أشارت نحو جاري-
من رصّ بُنياني
أتاني -روحهُ في كفّهِ- يسعىٰ
وكفُّكَ -ذِي- مغلولةٌ في الجَيب
ستبيعُ -في ليلٍ- لعسكرهم نهاري

بكيتُ .. يا بِلادُ أُحِبُّكِ
بكتِ البلادُ -عليَّ- وأعرضت عني
تُحِبُ نوري يا بُنيَّ
وغيرُكَ يصطلي -حُبّاً- بناري

نادىٰ البعيدُ 'حبيبتي'
دنتِ البلادُ إليه وقبّلتهُ
-صورةً في حُضنِ أمهُ-
ثُم قالت يا حبيبي

بابُ الثورةُ لم يُغلق بَعدْ

ودفاتِرُ الشِعر القديمة
إذ تُنادي باسمِكِ
المبثوث وزناً في القصائد
اسمُكِ المدسوس
سِراً في القوافي
قبلها المزروع وجداً
في المسافة
ثُم ذا المُمتدُ في عمري .. أسىً
وفي الليلِ مخافة

ناداني القلبُ ستكتُب
قُلتُ يا قلبُ كفانا
قال لي قلبي كفاك
قُلتُ يا قلب مُنانا
باعَ للصمتِ هواك
أعرض القلبُ ونادىٰ
قال يا شِعرُ شِعابي
عبِّها منها سُلافا
كلّما اشتاق عيونك
يهرعِ القلبُ إليها
هو والشِعرُ خِفافا

عادني الوجدُ بليلٍ
عُدتُ للصمتِ وشجني
صُبَّ لي يا صمتُ عُمراً
من دِنانِ الزمنِ
صُبَّ لي ليلاً طويلاً
في كؤوسِ الحزنِ
صُبَّ لي ليلاً فليلا
علّ كأس الحُزنِ تبلىٰ
ولياليّا تُعافىٰ

فراق

مين يقنع الأحلام
ان الحبيبة بقت
بعد الديار .. منفى

أو يقنع الأيام
إن الجِراح بتصِن
لكنها ااا بتشفى

أو يقنع الإنسان
يخرق سفينة القلب
أرحم نوالف الشط
من ريد يعقبه جفاء

يا عابر الأحلام
لا تشق بحور الريد ..
خليني في الضفة

عندك عصا موسى؟
ما عندك .. يبقى كفى

ما تبقى إنت عليّ
يا حلمي والصدفة

هذا العكار في الروح
يا حِبّي كيف يصفى؟

والروح عصا سليمان
مفتوحة يا روحي
-كموائد الرحمن-
لي أرضة المنفى
..

يا واهب الأحزان
لي خانة الذكرى

كان عندي مرة حبيب
كُت داخره لي بكرة

وخازن سنابل الريد
لسنين عِجاف تترا
..

ما كنت عارف الليل
مضمر فُراق ونوى

خشيته مطامن
ما كنت قايله نوى

يرميني جُب البين
وأنا ريدي يبقى جوى
..

مسكينة ياروحي
إيدك ولا بتلحق

وشق الفُراق أوسع
من إنه يوم يُرتق

تِعب القلب بالحيل
وأنا روحي قالت طق

من وين أجيبلو يقين
يخضَرَّ هذا الشق؟

هزيمة

كانت لاتزالُ عليه آثارُ الفجيعةِ
حين ضمتهُ الحبيبةُ وهي تبكي
ثم قالت: لا تُهاجر

نبتت بيوتُ الطينِ في صدرِ القميصِ
حين تمازجت بالدمعِ آثارُ المقابر
ثم قالت -بيوتُ الطينِ قالت-: لا تُغادر

قالت حبيبتهُ:
ليس في الدنيا بلادٌ
-مثل قلبي- تحتويك
إلا بلادي فلا تُسافر

قال:
تخيلي حُزن البلاد المطمئنة حين يفجأها العساكر ذات ليلٍ بإنقلاب.
تخيلي خوف العساكر من هُتافات الشوارع هذي العساكرُ ذاتها تخشى كِتاب.
تخيلي خجل الرصاصةِ حين يلفظها السِلاح ويحتويها قلبُ شاب.
تخيلي وجع الحبيبة حين يدخلُ إبنها -والقلبُ تسكنهُ الرصاصة- محمولاً بأكتافِ الصحاب جُنّ الخيال؟ بكى؟
رِفقاً به، تخيلي وجع الصِحاب.
تخيلي خِزي المنابر حين يحُفها القتلى -شُهدائنا الآتون-، تزجُرها البنادقُ والكِلاب فتُطيعُهم وتأمُرنا بتقصيرِ الثياب!
تخيلي جزع الحبيبة إذ قاسمتها دِفء موطنها رصاصة، نامت على خدِ الحبيب بلاطةٌ وأعقبها التُراب.
تخيلي قهر الصِحاب وصديقهم متكئٌ على أكتافهم جميعاً في القلبِ أُمهُ، حبيبتُه، وطنهُ وموضِعُ الرصاصة وعلى الخد تراب.
تخيلي هذا الوداع، أن يسير حبيبهم على أقدامِ كُل رِفاقهِ، كُلُ الدروبِ اليوم صارت بيتهُ والقبرُ باب.

‏تخيلي ذُل البنادقِ إذ تُصلي في التمام تُقبّل نعل سادتها، وتخرجُ للشوارع تُفرغ جوفها فينا تعصُرُ خمرها دمنا لتملأ دن ساستها شراب.
‏تخيلي كمد المجالسِ حين تُعقد صامتة فأنيسُها مُثري الحِوار صديقُ كُل الحاضرين حبيبهم بالأمسِ غاب.
‏تخيلي سَفَه السياسةِ حين يطلُبُ ثأرنا شيخ من رفعوا المصاحِف بالحِراب.
‏تخيلي أرق الصديق كُلما أرخى حزيناً جِفنه شد قميصه الممزوجُ بالدمِ والدموعِ طيفُ صديقهِ أوصاه بالمحبوبةِ الثُكلى وبالوطنِ المُصاب.
‏تخيلي فقد الأبِ المكلومِ حين يجمع أمنياتِ العُمرِ يودِعُها كفن، يضعُ الحبيب -بحنوِ من يخشى إنتباه رضيعهِ- يُقبّل رأسهُ ويوسِدُهُ التُراب.
‏تخيلي هلع الصديق حين إستقبلت كفاه أول قطرتين من الدماءِ نزحن جرّاء الرصاصة، لازال في أسفٍ يكلّم نفسهُ 'هذي الرصاصةُ أخطأتني ياليت راميها أصاب'.
كُل هذا الحُزن .. كُل هذا البؤس يسكُننا
فكيف نبقى ياحبيبةُ
في بلادٍ كلما شئنا عُلاها
أغلقت باب الحياةِ
وأشرعت للموتِ دونه ألف باب

قالت:
لكنه الوطن الذي نهوى
من للحبيبِ إذا رحلنا؟
ومن ذا يقيهِ شر هاتيك العساكر؟

قال: لستُ أدري
كلما أعرِفُ أني قد هُزمتُ .. وأني سأُغادر.

ثمانيةٌ وعشرون: من الألف إلى الياء

أنا المطعون في كبدي
بحُبِ مدينة سُكرى
تصُب الكأس من دمِنا
ثراها ضمنا قتلى
جرائدها تُجرِمُنا
حرامٌ أن نقول كفى
خرابٌ عاث حاكمُها
دمارٌ عزّ أن يُصفَ
ذئاب القوم سلبونا
ربيعٌ طلَّ فأختُطِفَ
زها في عيننا حيناً
سعوا في قطف ما ورِفَ
شراعٌ كُل ما فينا
صاريهم بنا ضعُفَ
ضلالٌ جُل ما قالوا
طوتهُ رصاصةٌ وكفى
ظلامٌ سِرُ شمعتِهِم
'علي' حين مات هل أسِفَ؟'
غريبٌ شَقَ عُتمتنا
فنارٌ ضاء وإزدلفَ
قريرُ العينِ نام هُنا
كما قد كان قد عرِفَ
لئن طال الزمان بِنا
مريقُ الدمِّ لا يُعفى
نكفكِفُ فرطَ أدمُعِنا
همى من بعد ما كُفَ
ولي طمعٌ بخالقنا
يا ربي القصاصُ وفى


مُجاراة لقصيدة سفّاح
 "تمنية وعشرين: من الألف إلى الياء"

(2) بواقي الضي


‏الوطن البحارب الغربة
بيقدم بدالها حياة
والزول البخاف الفُرقة
ما بزعل حبيبهُ تراه
فالبلد البعيق جِنياته
كيف نأمن سماه وتراه؟!
فيا وطني
الببيع جنياته للهجرة
ياوطني العجاف جايات
أخير تدخرنا لي بكرا
أخير تزرع قبل تنشف
وتعدم طرقة الكسرة
أخير تصحى
كفاك تبرا السراب مطرة
كفاك تبرا الضلالة كفاك
ويكتبو دينك الفجرة
كفاك بإسم الإله تغتال
وناسي جهنم الحمرة
كفاك أصحى
حرام دم الشهيد يسقيك
ولا تروى
حرام يتوسده الرصاص
وما تقوى
كيف ضماه حضن ثراك
وما بتطراه
وكيف حكّر حروفه عليك
وما تقراه
وهل ضاعت قضيتهُ سدىً
وضيّع سكتهُ اليبراه
منو الأداك صك غفران
إذا هانت عليك دماه

وأنا ما ملكّ غير الهتاف
عبيتبو حنجرة القصيد
ناديت على الأرض الجفاف
قومي إبني مجدك من جديد
وهديت وليداتك هواك
غنوه في الشارع نشيد
ضجة خطاهم في الطريق
حرمت منام القالو سيد
والعسكري إختار الرصاص
وأنا كان خياري أموت شهيد
وأنا ما ملكّ غير الهتاف
عبيتبو حنجرة القصيد

فايدة كلامي بقول
للمادّي في السكة
مؤمن سليم القلب
قابض على التركة
فارد شراع الحب
قاصد الوطن ضفة
عارف بإنو الله
الوعد منه وفى
من مات في قولة حق
عند الله حي وكفى
والساعة لما تقوم
مافى إنتباه وصفا

فأكتب على ها الباب
بدد مساحة الظن
أكرب لجام الحرف
والمعنى شدو رسن
أكتب حروف الصحو
لليغشى عينيه وسن
بلدك غشاها خراب
بلل خدودها حزن
حلم العطاشى سراب
والقول نهايته كفن
والعسكري الكضاب

فاكر النهاية الموت
قافل عليه الباب
عاصر الضمير بالبوت
راجيك لسه حساب
وين تمشي منو تفوت
 * "و "يا تالف العسكر
‏إن كان للضماير سوق
شرينالك ضمير صاحي
وهدينالك معاه ذمة
لكنك عمايلك سود
وراجياك في القبر ضُلمة
لا الكاب ولا الجبروت
بيقيك شر ضمة
مش قلت زول حارات
أثبت على الكلمة
أول سؤال بهناك
إجابته فد كلمة
عارف الإجابة تراك
بس كيف مع الضمة
الظلم يا مسكين
بملى القلب ضلمة
والقلب لما يتوه
ما بتنفع الجتة
وين الحرس ينجيك
من ضيق ها الحتة !
عارف الإجابة هنا
مين البملّي هناك
وين البشرعوا ليك
يهدوك لي منجاك
لفوك بالأبيض
وبروك لي مثواك
هم وصلوك الباب
وباقي المسيرة براك
لسة السؤال قائم
مين ربك السوّاك
عارف الإجابة هنا
مين البملّي هناك
كل العملتو هنا
كاتم عليك هناك
دم الشهيد السال
دُعا أمه لسة وراك
وين تمشي منو تفوت
خارت هناك قواك
عم الضلام القلب
فارغ فؤادك وفاك
ما الكلمة إسم الرب
هل بقدرها الأفاك؟
أها دي البداية الموت
لسة المِحن راجاك

بواقي_الضي#


  عطبرة - حمّيد*



بواقي الضي 1

سفاح:
ضاقت فلما إستحكمت حلقاتها..
جعلت من قلمي أداة تهرب..
من واقع الدنيا ومن عقباتها..

لا تأمنوا هذي البلاد فإنها،
حملت لنا الظلمات في طياتها..
فجعلت من حبري مخارج أحرف..
وبكت خطوط يدي على صفحاتها..
لي قصة ما كنت أنوي سردها..
لكن قد ضقت ذرعا،
وضقت صمتا من صدى أناتها..

"وما بتنعدل"..
أصبح لسان الحال أعوج وما بسر..
ما بتنعدل..
صبحت ليالينا الفرح مليانة ضر..
وآمال مكفنة بالزمن..
وشقى وفقر..
فاضلي بس حبة نفس فوق الرويحة، 
أتم بيهو باقي العمر..

يا يابا ما ظنيت أكون ليك السند..
من قبل ما أبدا الطريق،
لقيتني في ود اللحد..
أحلامي ماتت يا أبوي..
وأصحابي بين نارين معاي..
وأنا شكلي محبوس للأبد..

تعليم شنو.؟!
خليني نوم..
"النوم تعال، سكت الجهال"..
وجهالك أسياد يا بلد..

زمن القراية أم دق خلاص..
ولى ورحل..
المدرسة بتملاك فشل..
والجامعة بس زي السجن،
ما بين مظاليم دون سبب..
والعندو راي فيها إنكتل..

خليني نوم..
أبتسم وأحلم براي..
Look Pa, its a new world where my hopes ain't gotta die..
And my mom ain't gotta cry..
And I know its only in my mind..
But,
At least these dreams are mine..
Look pa, I'm getting good at this..
Twisting words and manipulate..
Close my eyes and infatuate..
And please don't give me that,
"I know its food for your thoughts but will it put some food on your plate.?"
'cause no..
Around this country father, I guess its a little too late..

This is the land of blood broken hearts and broken bones..
Smiles are gone..
Rights are thrown..
And I guess our diginty is stuck somewhere the sand and the stones..
And I'm stuck in a dark zone..
Watching non-humans fighting over a seat in power..
The real life game of thrones..


So please let me go back to sleep..
I think its my only right..
And its feels just right..
And everytime I'll wake up..
I'll write..
'cause within this paper..
There's my fragments of light..
وأنا ما براي محبوس وضايق الكي..
معاي ناسا قلوبا هميمة حاسة البي..

سلام يا خي..
لساك بتتوجع براك.؟!
لساك بلدك ضايقة بيك ومألماك.؟!
قالولي في خاطرك كتابة..
وبواقي ضي زي الشمس في نص سماك..

أحكيلنا ياخ..

خالد:

بحكيلك الحاصل عليّ
بشكيلك أحوال الزمن
من كترة الحزن العليّ
ضيعت تعريف الوطن

يابلدي الكستنا مظالم
لسّاتها النفوس عامرابك
الولد اللي ضقتي عليه
لكنه بيموت في ترابك
عشان المِتله نحن بكتب
ولو آخر الكتابة مهالك

محتاج قبل أكتب "وطن"
أعرف هو ما معنى الوطن
ف …
"علمنا ما معني الوطن"
"ورينا كيف شكل الوطن"
"وقول لينا كم تمن الوطن"

"علمنا ما معني الوطن"
ياوطن الغلابة غِرقتْ
في بحر الكضب والزيف
من غُبن المهانة رعِفتْ
وجنياتك بطفشوا نزيف
ويا سلة غِذانا نِشفتْ
بتتسول بواقي رغيف؟

"علّمنا ما معنى الوطن"
معناه إنو الناس تعيش
وتموت على نفس المحن؟
معناه كل الناس تهج
ويتملّك أرواحها الحَزَن؟
معناه كل الناس تعود
ملفوفة بي نفس الكفن؟

"ورينا كيف شكل الوطن"
‏وطن سرقوه عزّ الليل
وطن حاكماه دبابة
وطن شقوه بالسكين
وقالو علينا خرّابة

ورينا كيف شكل الوطن
وهل بترضاه الخريطة؟
كلمنا عن ريحة الوطن
هل تشبه أحلامنا البسيطة
ورينا هل فضّل وطن
أم برضو ضاقتبو البسيطة

"قول لينا كم تمن الوطن"
‏وطن عينيه ما بتنوم
سارق حلمها الكاكي
وطن يحلم يبيت شبعان
وطول عمره بيبيت باكي

وقول لينا كم تمن الوطن
هل أغلى من تمن الرصاصة؟
ودم وليداتنا الصغار
هل أغلى أم كلب الحِراسة؟
فرّطت في كم ألف ميل
شان تبني بترابهم حراسة؟

"عرّف لي من تاني الوطن"
أديك تعريف يا بلد؟
أديك تعريفي البسيط
وأنا عندي أيه يعني الوطن
الوطن:
إنك تقوم من الصباح
على أرض فعلاً حقتك
ما أرض محكومة بسلاح
وجماعة كايسة مذلتك
وإنك إذا دق النحاس
في الصف بتملى محلتك
إنك تقيف وقفة رجال
من إسمه تاخد هيبتك
إنو الحقوق تكفل تساوى
ما بي قبيلتك وحلتك
وإنك إذا ظلمك قوي
من عينه تقلع ظِلمِتك

"عرّف لي من تاني الوطن"
أديك تعريف مختصر
وطنك محل ما تشتهي
وطنك حبيبتك وصُحبتك
وطنك عيون هادى الحبيبة
الجوة قلبها دسّتك
وطنك كتف صاحب هميم
شايل همومك ووجعتك

وأديك تعريفك هنا
من قلب واقعنا المعاق
وطنك بلاد نكرت هواك
بي ليل مظالم غطتك
وطنك بلاد ليلها الفساد
وصباحها محتاج وقفتك
وطنك متل زولاً كسيح
إن جيت تساعده يكفتك
وطنك بتبنيلهُ الفُلُك
وهو ماش وجاي بيفلقك

قول لينا لمتين يا بلد
حتغني زيفك وتسمعه
فارض على أولادك سفر
ولا مرة بتقول أرجعوا
فارد على ليلك مواجع
والصبح قافل مطلعه
قول لينا لمتين يابلد
حيكون شعارك "أطلعوا"؟!

‏سلام يا خي..
لساك بتتوجع براك.؟!
لساك بلدك ضايقة بيك ومألماك.؟!
قالولي في خاطرك كتابة..
وبواقي ضي زي الشمس في نص سماك..

أحكيلنا ياخ..

عمار:

"وأنا بحكي ليك
عن نفحه الاشواق 
لي وطن صامد 
برغم قساوه السكه 
و نشاف امالنا بين 
غربه و وطن كضاب "

و كلامي ليهو
ارجع كفاك تعال 
ارجع كفاك تعال

تعال نعتزا بيك وطن 
تعال ارجع 
تعال خلي ايامي بيك يندن 
هديل ناسك وراك رحلو 
تعال خلينا نستوطن 
نعيد الكان 
و آه ما كان علينا زمن 
و اعود و اطراك من تاني 
كل ما الوتر دندن
و غني عليهو ود
سيد احمد المقبول 
يهز في قلبي ليك شجن 
تعال و انا ليك
دوام طاري 
لو حتي كان هذا الوتر 
قطعوهو عمداً 
اصلو الحصل في غيابك اكبر 
من حكم ابيح فيه الشعب قهراً

تعال معاي و انا بحكي ليك


في غيابك يا وطن
زغروده ملت الحي 
جابوهو لينا شهيد 
لابس كمان الزي 
مرقن بنات الوجعه
في عرس الشهيد رقصن 
قدلن كمان بشوي
تربال و نوبه و عرضه 
غنو الكلام الني 
وام الشهيد موجوعه 
و ممنوعه قوله احي 

فيا و طناً عليك امالنا 
و معاك بنقاسي المر 
نهديك من دمانا سماد 
ما كان عشمنا شجر 
بيضلل عليك و بضلل
امال شهيدنا الحر


فيا وطني العزيز اصبر
لو مره شفتا النيل 
شارب سكاتو جمر
او شفت مره سماك 
فاقد جمالو قمر 
لا بد تطول يا ليل 
و دوام معاك نسهر
ما دام الصباح كضاب 
و الشمس طعمها مر

فيا وطناً تزيد الهم
افتش ليك في  سكه 
و تفتش لي في منفي

فكيف نقدر معاك نحلم
و كيف يبقي الحلم للنار 
شراره حق 
و لي ناساً تجدع و اصلو 
ما بتلحق 
و لي وطناً غشاهو الليل 
صبح منشق

و شاقي دروب مظنه و شك 
شكيناك نحنا للخالق 
ف وين منو بتزيح وشك

و نحنا علينا نتيقن 
قناديل الحلم في الروح
تساسك لي السقايه.. اذن 
جرحك دواهو الغيم 
فيا غيماً ربط قبلي 
و برق بي كل بواقي الضي
تعال نازل معاك دعاش 
يفرح كل صغار الحي

و في اخر كلامي بقول 
سلام للهدهد المسكين 
سلام لي نورا و الطيبين 
فيا بلادي عليك سلام 
ترانا نحنا مودعين

وبالرغم إنو الحال صعب..
صابرين عشان خاطر اللي فيك..
أحكلينا يا أخوي عن بلد..
فيهو البساطة المبهجة..
بالرغم من إنو البلد،
مالينا ضيق..

إسماعيل:

يا شعب بشوش
بي طيبتو الساكنة
قلوب ووشوش
الدايرو قليل
اسرة و تحنان
في حوش مرشوش
لمة حبان
في فتة بوش
ناس ويز نوتباد
يوم الاتنين
وتلات مفروش
الدايرو قليل
البنطق حق
ما ينوم مهروش
والظلم الناس 
لا يمرق سلطة
ولا بقروش

يا شعب بشوش
الدايرو قليل
ونسة اصحاب
في شارع النيل
يغشانا نسيم
رايق وعليل
نتهادي اماني 
وكلمة طيب
ونغني اغاني
باسم حبيب
ونشيل احلام
وعشم قدام

يا شعب بشوش
احلامك عيد
وحدة وتمجيد
ونغني نعيد
الايد في الايد
تتردد جوا متاهة الروح
كلمات بصوتك يابو السيد
والروح بتجود
بالريد لو سمعت صوت العود
الروح بتجود
بالريد لو سمعت صوت محمود

ويا شعب الناس
فيك مظلومة
ومفروضة عليك
الف حكومة
اجيال واجيال
ما انصلح الحال
حاكمنا الخال
الماسك كرسي
سنين وسنين
ستة وعشرين
يكفينا دعاوى باسم الدين

يا ناس اهدونا كلام وافكار
كلمة حنية وصوت جيتار
البهدي البسمة و ببني الدار
كل زول يدينا ورود فنو
ونخلي الناس والقالوا شنو
ديك لابسة كدا
وداك سوى كدا
و الزول اصلا محكوم ظنو
الحلم البكرة دا جد غالي
بي وطن مرفوع الهم عنو
بوطننا الليهو الناس غنوا

رسائل إلى الوطن المنفى

سلام مخصوص للصاحين
على طول الليالي حنين
سلام للفاتو و الما جنّ
وخلولنا الليالي حَزَن
سلام لي صُحبتي الطيبين
على جمر البُعاد قابضين
سلام يا صاحبي الفي القلب
سلام رغم النوى و البين
سلام يلغي المسافات قبل
يرتدالي طرف العين
سلام يا موطني الطيب
قبُل ما تنقسم وطنين

رسالة إلى الصديق الدُغري
الزول العديل و الصاح
لمتين القُعاد يا صاحبي
في البلد الملاني جِراح
كل يوم الحزن كاسيها
سنين دمع العيون نضّاح
و الساسة اللي جوها بليل
ما خلولنا باقي صباح
لمتين القُعاد يا خيّ
و مازال الوجع نتّاح
لمتين الهموم خانقانا
والعبّرة اللي ما بترتاح
ملعونة الأيادي الغادرة
ملعونة اللي شايلة سلاح
والناس اللي ماتت ساي
و أُماتها اللي ليلها نواح
لمتين العيون سهرانه
وفي الخد الدموع تنداح
لمتين ياخي والله كفانا
متين هذي البلاد ترتاح ؟!!

رسالة إلى حبيبة القلب
إلى أمي اللي ربّتني
يأمي البلاد ظالمة
وشال كل الهموم متني
محل ما تكوني ببقى وطن
وليكي القلب بيغني
لكن البلاد ظالمة
على منفاي طردتني
ويا أمي العباد ساكتين
على الحالة اللي غلبتني
و كيف راجين فرج و الناس
على الحال العوج ساكني
وما هادي البلاد إلاك
وماف غيرك مِصبرني
وكم هادي البلاد ظالماك
وبرضِك ليها بتغني
ما قادر أكون زيك
وأغني من القلب وطني
فيا طير المنافي غُناك
على لحن الوجع مبني
و يا هادي البلاد الغُربة
يا بلدي اللي هجرتني
متين أتغني بيك وطن
وطن من غير أسى و مِحني


رسالة إلي الحبيبة الجاية
في عز الزمان الصعب
جاية ترتب الفوضى
وتتوسد مساند القلب
و تزرع كل مساحتي غُنا
و تحصد كل همومي رُطب
فيا مالية القصيدة حنان
و عندك حرفي ما بينضب
ويا فارشة المسافة حنين
وفاردالي الشراع بالحب
متين نأمن مداين الريد
و ما يغشانا فيها تعب
متين كل الخلوق ترتاح
ونرميها الهموم في الجُب
متين أتنفسك و أفرح
تفرهد بيك مسام القلب


رسالة إلي الضمير الميت
الناس اللي لبسها ميري
لو كان الحكم زندية
كان خلاها ليك نميري ؟!
الشايف الدبابير هيبة
ومفتكر الحكاية فراسة
يات يوم الفوارس ركعت
وطاطت للبذلنا راسا
يا اخينا الفراسة أمانه
ما بتنباع عشان الساسه
صحيح الشعب حالتو تحير
مادينو المخدر دين
لكن الزمن دولاب
وسنينه العجاف جايين
إذا غراك زمانك عِزّة
جاييك الزمان الشين
جاييك القبر بي ضيقو
أها منو بتقبل وين ؟!


يا بلد المواجع جملة
شوارعك كم ملاني هموم
قسّمتي السهر لي ولادك
وكل واحد مظالم كوم
إذا هجرو المكان و أبوكي
فأبداً ما عليهم لوم
فهم لمّن قبيل نصروكي
جزيتيهم رصاص ودموم
وحين قالو الكلام الدغري
جزيتيهم إساءه و لوم
والناس اللشايفه و ساكته
خليكم بجيكم يوم
على جمر المظالم أقعدوا
لغاية ما القيامة تقوم
خلاص سِبنا الكلام و مشينا
كان عينيكِ تشبع نوم

ياربي الفرج من عندك
و تجبر خاطر المظلوم
والناس اللي ماتو عشانا
تجزيهم رحيق مختوم
يارب ليل المظلام طوّل
و زايدات المواجع دوم
اكرمنا بصباح من عندك
يعم هذي الجميلة عموم

من هنا للصباح الباهي
ودعناكِ الله يا خرطوم
ويا باقي الرفاق إنكربوا
على درب المنافي نقوم

الزمان الحُلم

شيئاً فشيئاً يموت القصيد
ويخبو بعينيك نور الكتابة
شيئاً فشيئاً تضيع القوافي
ويطغى على النصِ لحنُ الرتابة
وشيئاً فشيئاً تضيع ملامح
كل الحبيباتِ
وكل اللواتي أثرنٙ بقلبيّٙ
فعل الكتابة
وظلٌ كان يُراقص ظلي
يتوه إذا ما تُراقصِ
وقع خُطانا الكئابة
شيئاً فشيئاً تجف الأماني
وتمضي الحياة بلا أُمنيات
ويقتل صمت القصيد حروفي
وأهجر عمداً أنا الذكريات
فيامن سكبت على النص
سِر الوداع 
قل للغيابِ الذي يحتويك
رفقاً بقلبِ الحبيبةِ عند الرحيل
وقل للدموع التي تشتهيك
رفقاً بخدِ الحبيبةِ حين تسيل
وقل للبلادِ التي أجبرتنا
على أن نغني لطيرِ المنافي
سيأتي زمانٌ على الناس
لا تُستباح الدماء
سيأتي زمانٌ على الناس
تخجلُ فيه البنادق
ولا تُسترقُ النساء
فـ 'صبراً جميل'
وقل للذين إستحبوا الكراسي
على الحقِ يوم النفير
أن الحقيقة مهما توارت
ستسفرُ يوماً عن وجهها
وقل للذين إستحلوا
البلاد بإسم القدير
بأن الشعارات وإن أعجبتكم
ستُفصِحُ دوماً عن زيفها
وقل للرصاصِ الذي قد تناثر غدراً
بصدر الصغار
ستُسأل يوم التنادِ
فيما إنطلقت
وينكِسُ من أطلقوك الرؤس
وتبدو الحقيقة في قُبحها
وحتى يجيئ الزمان الحلم
سأرحل علّ القصيدة تصحو
وعلّ المدينة تصحو
وعلّ البقية تصحو
ويامن قرأت على الناس
سِفر الرحيل
قل للمسافاتِ مهما ترامت
سنبقى على الوعد مهما إرتحلنا
سنرجع حين الزمانِ الجميل
سنرجع حتماً
لنبنى هذا 'الزمان الحُلم'
وتُنصر هذي البلاد على المستحيل



... خالد ياسر ...

العيـون الـمــرافـئ

حزمت حروفي و حزني
كــــــــما الأمتعة ...
شددتُ رحالي إلى مقلتيك
فردتُ القصائد كالأشرعة
وأبحرتُ نحو العيون المرافئ
أبحرت في الدمع و الذكريات
لا نجم يهدي ولا بوصلة
وفيما يكون إحتياجي إليهم
و سحر العيون هو الخارطة
دللتُ رياح حنيني عليك
و كُلّي إلى ناظريكِ حنين
وكنتُ إذا ما تراخى الشراع
جدّفتُ بالشوقِ حد الأرق
و جدّدتُ بالذكرياتِ الحنين
و كنتُ إذا ما تطاول حزني
و قرر أن يعصف بالأمنيات
حِكتهُ بالحرف مقطع شعرٍ
وبيت قصيـــــــــــد
فصار لديّ شراعٌ جديد
علّي إذا ما إسبتقتُ الرياح
أرسو قريباً على مقلتيكِ
فأطوي شراعي إذا ما رسوت
و أُهدي لعينيكِ كل القصيدِ
...
 فما حوجتي للشراعِ القديمِ
وأنا في حضرةِ هذي العيون
المـــــــــــرافـــئ
فكل سكوتي لديها كلام
وكل الكلامِ بحضرة هذي العيون
قــــــــــــوافـــــي



     ... خالد ياسر ...

محطات

‏المحطةُ التي أُخرِجت من خارطةِ القطاراتِ دون أن يُخطرها أحد، لازالت تنتظرُ السراب.
‏لعنةُ المحطةِ المهجورة أن العامل الأخير نسيَ أن يطفىء الإنارة، لذا ظلت التفاصيلُ مضاءةً في ذاكرتها للأبد.
‏آخر العمال أغلق الباب حين غادر حابساً الريح بالخارج، فلم تعُد قادرةً على العبث بتفاصيلِ الداخل.
‏المحطات مِعطاءة، تمنح القطارات استراحة؛ زاداً جيداً؛ وأماناتٍ ثقيلة كأحلام المسافرين وقلوبِ أمهاتهم.
‏المحطات تمنح المسافرين فرصةً أخيرة للعدول وشوقاً لامُتناهياً للوصول.
‏المحطات لم ترَ بعضها البعض ومع ذلك ترسل التحايا مع القطارات.
‏أرصفةُ المحطاتِ تُميّز طعم الدموعِ، بين الحزنِ والفرح.
‏‏من لعناتِ المحطاتِ أنه لايمكن للمحطةِ أن تُحب قطاراً، فهم -القطارات- دائماً ما يرحلون
ولايمكنها أن تُحب محطة فلا أمل في أن تلتقيا يوماً.
‏لذا فحبُ المحطاتِ غيرُ مشروط؛ تُحب الراحلين، والقادمين، وأولئك الذين ولم ولن تلتقيهم.
‏الانتظار بالمحطة، ترجمةُ الحُبِ بجيمعِ لُغاتِ العالم.
‏أن تحبها، يعني أن تنتظرا القطار سوياً عندما تسافر وتتمنى لو أنه يتأخر؛ وأن تنتظرها والقطار عندما تعود وتتمنى لو أنه يُبكّر بالوصول
‏تذكّر! المحطاتُ لا تغار فلا تبخل بعناقٍ أخير.
‏في المحطةِ ليس ثمة من يُسمى بالغريب، المحطة 'وطن يسع الجميع'.
‏طوبى للمحطات، فيها يتساوى الكُل في ذلك الشعور ما بين الغُربةِ والانتماء.
‏المحطات دائمة الانتظار، ولا تُنتظر
‏مشكلة المحطات منذ الأزل أنها دائماً هُنا لأجلهم؛ وهم هنا لأجلِ غيرها
‏المحطة تُغلِّف وحدتها بالانشغالِ طِوال اليوم، لتبكي -وحيدةً جداً- آخر الليل.
‏بؤس المحطة أنها لم تعرف معنى الرِفاق، كلهم عابرون
‏سعدُ المحطةِ أنها لم تعرف معنى أن تودِع رفيقاً، تراهم يبكون كل وداع لكنها لم تفهم لِمَ!
‏المحطة المهجورة مُبتلاة بتوقِ للأمومة، كامرأةٍ بلغت الثمانين ولم تُنجب
وحدها المحطة التي اختيرت لتكون 'دار عجزة القطارات' وجدت من يؤنس وحدتها وفهمت معنى 'رفيق'
‏المحطة التي اختيرت 'دار عجزة القطارات' كلما فرغت لنفسها بكت عمراً كاملاً من الوحدة، بكت المحطات التي لم ولن تعرف معنى الرِفقة

مُحادثات مبتورة [على هامش الحياة]


مُحادثة أولى:

كلما حاولت أن أكتب عن سِواكِ، حاصرت عيونُكِ أحرفي.
يا أنتِ، في فنِ الحربِ طولُ الحصارِ يُنهِكُ الطَرَفَين، فما بالُ طرفُكِ لا يملُّ حِصاري.
كما ترين طولُ الحِصارِ أسقط القافية.
كُلُ هذي الكتابة عنكِ خيانةٌ في صفوف الحرف، ثمةَ حنينٌ بين أحرفي.
إنها حروفُ إسمي تبدو عليها علاماتُ الحنين، أثملتِها حين نطقتِها آخر مرة.
خياراتُ الحِصار محدودةٌ جداً وهي أن يملَّ أحد طَرَفَيهِ أو يفنى، جانبي يبدو مُزعزعاً جداً، عليّ الأن أن أُحاصر نفسي حتى لايُسْقِطني حِصارُكِ.
نجح الحِصار سواءً سَقَطَ الحرفُ أم لا، كُل هذا الإبتذالُ دليلُ نجاحه.
عَزَّزتِ الحِصار بقوسِ الإبتسامة.
ضاق الخِناق، الأُخرياتُ تلاشين.
الآن، لا أملِكُ من المجازِ ما يكفي لأكتُب عنكِ، فلتفنى الكتابة.

***
مُحادثة ثانية:
هأنذا أقِفُ مرةً أُخرى علي حافةِ الكتابةِ عنكِ.
يا أنتِ، نِلتُ ما يكفي من هزائِمِ الحنين ولا قِبل لي بأُخرى.
يا أنتِ، لم يبق لي من الأحرفِ ما يكفي لمجابهةِ الحنين وكِلانا يعلم أنه لاوجود لِما يُسمى بالهبوطِ الآمن حين السقوطِ في هاويةِ الكتابةِ عنكِ.
يا أنتِ، أنا لا أملِكُ الآن إلا أن أرتد على عقبيّ، أن أُدير ظهري وأمضي.
***
مُحادثة ثالثة:
صمتُ القصائدِ صعبٌ عليّ
وبوحُ القصائدِ صعبٌ عليكِ

ليسَ ذنبكِ أبداً إن لم تفهمي كُل رسائلي المُبهمة، هذا التعقيد خطيئتي وحدي.
فعشقي خطيئةُ قلبٍ هواك
وعاش المحبةَ فيكِ سِنينا

لم يكُن الذنبُ أبداً ذنبكِ، فأنا الذي إعتاد تدوير الرسائل القديمة ليُعبّر عن أشياء جديدة، والآن أُدركُ أن الحروف القديمة لم تكُن مناسبة، أعتذر.
إخراجُ الكلماتِ من سياقِ الحبيباتِ السابقاتِ للقادِماتِ أمرٌ خطر، فالعبارات التي صيغت لإحداهُن خِصيصاً لن تُناسب أُخرى مُطلقاً.
وما إزددتُ بعدكِ إلا ضياعاً
فكيف السبيلُ إلى ناظريك

هذه مثلاً لن تُناسِب أُخرى أبداً.
بعض الرسائل كانت تخُصُكِ وحدكِ لكن كما أسلفت لا ذنب لكِ إن لم تنتبهي لها وسط هذا الكم من التعقيد وإجترار الكلام.
قلت لإحداهُن قبلاً
"ما كُنتُ أحسبُ أنني يوماً
سأعشقُكِ إبتسامة
وأخُطُ من عينيكِ نثراً وقوافي"

لن يتناسب هذا النص معكِ، فأنا قد خططتُ من عينيكِ نثراً وقوافي، لكني كنتُ أعلم مُذ رأيتُكِ أول مرة، وهنا يكمُن الفرق.
أما وقد حانت النهايات فشكراً على كسرِ حاجزِ اللُغة، شكراً على الوزن الجديد على المواعيد المُعلّقة وكل إبتسامة :).
نجح الحِصار .. سقط الوزن.
***
مُحادثة رابعة (عنها):
"دعينا نتحدث قليلاً عن النهايات المُبهمة، فترات الصمت التي لا تنتهي، عقولنا المليئة بالتساؤلات، قلوبنا التي تضجُ بالغائبين وعن جفاف الألسن" - أردتُ أن اقول لها.
أنا ياصديقتي مُثقلٌ بجُمل الوداع التي لم أقلها، تلك التي أرهقتني طيلة هذا الزمان أرّقتني وأصابتني برهاب المسافة.
أنا يا صديقتي لا يُخيفني غيابهم فهم حاضرون رغم كُل شيء، إنما يُرعبني أنهم حين يغيبون، يأخذونني معهم فأغيبُ عني.
أما الحروف ياصديقتي، إنما تُلقي مرساتها داخلي وتطوي شراعها وتأبى أن تُخط لغيرهم.
وتُرهقني في تمنُعِ الحروف يا صديقتي تلك الأفكار التي تتعفن في رأسي ولا تجد سبيلاً لتخرُج.
في غيابهم أشكو الصُداع كثيراً.
للغياب ألوانٌ مختلفة وبعضُ الحاضرين غائبون.
قيل ان في الدمع راحة، تلك التي حرّمها علينا أجدادنا حين قالوا "مافي راجل ببكي" فنحن حين يؤلمنا الفراق نصمت، وحين نشتاق نصمت.
الحِبرُ مُقسمٌ قلبه بين أن يظل في جوف القلم أم يُغادر إلى سطح الورقة التي لن يصل جوفها أبداً.
لم يعد للقلب حنايا يسكنها وجع بل صار وجعاً ينطوي على حنايا.
الصمت يُغري سفينة الحرف بالغرق.

***
مُحادثة خامسة (لها):
دعينا نتحدث قليلاً عن النهايات المُبهمة، فترات الصمت التي لا تنتهي، عقولنا المليئة بالتساؤلات، قلوبنا التي تضجُ بالغائبين وعن جفاف الألسن.
عن تلك المحادثات التي ماتت فجأة والإبتسامات التي تخشّبت على وجوهنا، عن الكلمات التي ما تزال عالقةً بالحناجر كغصة أبدية عن رهاب البوح.
عن التحايا الفاترة -إن وجِدت-، الحوارات الآلية الجُمل المقتضبة المُكررة المحفوظة الملفوظة بعناية كي لا نسقُط سهواً لُجة "أشتاقُكِ".
عن زيف "الحمد لله كل حاجة تمام" عن غباء "الجديد شنو".
عن تنافر العيون كقُطبين متشابهين بعدما كانت بينها جاذبية العالم أجمع.
عن الحنين الصامت الذي يقتات على الدمع الذي يسقط على الروح، عن نار الغيرة تحت رماد الفراق.
عن نوبات الغضب غير المبررة حين مرورٍ بالذاكرة.
عن إبتسامةٍ بلهاء يتلوها حُزنُ عميق.
-لم يعُد لي-.

عن كُل تِلك الأشياء التي لم نجرؤ على قولها يوماً لأنها كانت تعني الضعف، ولم نُدرك أنّا كُنا أضعف من أن نقول، هذه هي الحقيقة.
عن كُل تلك التصرفات الحمقاء التي ظننا أنا سنندمُ جداً إن قمنا بها، والآن تتأكل أرواحنا لفرط ندمنا أنا لم نفعلها.
عن كُل "أُحبُكِ" منعها الخوف أو الغضب، عن كُل آسف حال دونها الكبرياء.
تلك هي مساحاتُ الصمت التي لا تنتهي وذاك جفافُ الألسُن.

أحببتُكِ جداً، آسف.
***
مُحادثة سادسة (معها):
أخبرتُكِ قبلاً أني أُعاني رهاب المسافة وأن هذه المسافة التي نُحافظ عليها بيننا، تُخيفني جداً.
'أنا لا أخاف إلا الله' أنا لستُ أهلاً لهذا الشعار، لستُ على تلك الدرجة من الإيمان، أخاف الفقد، الحزن والمسافات.. ليس كخوفي من الله، لكني أخافها.
وهذا الخوف يُخيفني أيضاً، الأمر أكبر من أن أستطيع شرحه.
هذه المسافة التي لا تتأثر بالخُطى، فلا خُطاي إليك تُسقِطُ منها شيئاً ولا هي تقتات على الخُطى الهاربة فتتسع.
مسافةٌ كثوابتِ الفيزياء مُزعجةٌ ولا غِنى عنها.
المسافة التي -نظنُ أنها- تحولُ دون إختناقي في البُعد، ودون إحتراقي في القُرب.
أقتبسُ هنا أن "كُل المسافاتِ نِصفُ إتجاه" وهذه المسافة نصفُ عذابٍ ونِصفُ نعيم، هي بيننا لكنها تُحافظُ عليكِ عند طرفها الآخر؛ ذاك الأقربُ للقلب.
سألتُكِ بالأمس أن تُحدثيني قليلاً عن ماهية الأشياء من زاويتكِ أنت،ِ فهذه المسافةُ كالقمر؛ لا تسمح لي إلا برؤية الوجه الذي يُطلُ عليّ.
ويبدو أنها -نفُسُ هذي المسافة- قد منعتكِ من الإجابة خشية أن تتلاشى، هذي المسافة التي نخافُ عليها وتخافُ على نفسها، ونحن! ألا خوفٌ علينا؟!
قيل أن "علينا أن نواجه مخاوفنا" وإنما أُواجِهُ هذه المسافة فقط كي أراكِ، فأنتِ على الجانب الآخر.
هذه المسافةُ التي نحافظُ عليها كأنها تحوي سِر إتزان الكون تُخيفُني جداً، فقط إعلمي.
***
مُحادثة سابعة:
دعيني أُحدِثُكِ قليلاً عن الوَهْن،
تخيلي عصا سليمان -عليه السلام- وهو مُتكئٌ عليها والأرضة تنخرُها.

تخيليها وهي تُحاول التماسُك حتى اللحظةِ الأخيرة والعِبءُ يزداد كُلما شَبِعت منها أرضة ودخلتها أُخرى جائعة.
هي لم تضِق ذرعاً يوماً بالثِقلِ المُلقى على كتفها، أنما أنهكها تآكل الدواخل.
الآن تخيلي إحساسها في تلك اللحظة التي سبقت إنهيارها مباشرةً، لحظة إدراكها النهاية، نفاد طاقتها، إهتراء دواخلها تماماً هذا ما عنيتهُ بالوهْن.
تخيلي عِبء أن تُكلف بحملِ جسدِ نبيّ وانت غيرُ قادرٍ على الوقوف.
تخيلي مِقدار الحسرة التي ملأت قلبها -إن كان لها قلب- حين أدركت أنها فشِلت وأنها ستسقطُ الآن، تتماسك بكُلِ ما فيها لكنها تسقُط.