المحطةُ التي أُخرِجت من خارطةِ القطاراتِ دون أن يُخطرها أحد، لازالت تنتظرُ السراب.
لعنةُ المحطةِ المهجورة أن العامل الأخير نسيَ أن يطفىء الإنارة، لذا ظلت التفاصيلُ مضاءةً في ذاكرتها للأبد.
آخر العمال أغلق الباب حين غادر حابساً الريح بالخارج، فلم تعُد قادرةً على العبث بتفاصيلِ الداخل.
المحطات مِعطاءة، تمنح القطارات استراحة؛ زاداً جيداً؛ وأماناتٍ ثقيلة كأحلام المسافرين وقلوبِ أمهاتهم.
المحطات تمنح المسافرين فرصةً أخيرة للعدول وشوقاً لامُتناهياً للوصول.
المحطات لم ترَ بعضها البعض ومع ذلك ترسل التحايا مع القطارات.
أرصفةُ المحطاتِ تُميّز طعم الدموعِ، بين الحزنِ والفرح.
من لعناتِ المحطاتِ أنه لايمكن للمحطةِ أن تُحب قطاراً، فهم -القطارات- دائماً ما يرحلون
ولايمكنها أن تُحب محطة فلا أمل في أن تلتقيا يوماً.
لذا فحبُ المحطاتِ غيرُ مشروط؛ تُحب الراحلين، والقادمين، وأولئك الذين ولم ولن تلتقيهم.
الانتظار بالمحطة، ترجمةُ الحُبِ بجيمعِ لُغاتِ العالم.
أن تحبها، يعني أن تنتظرا القطار سوياً عندما تسافر وتتمنى لو أنه يتأخر؛ وأن تنتظرها والقطار عندما تعود وتتمنى لو أنه يُبكّر بالوصول
تذكّر! المحطاتُ لا تغار فلا تبخل بعناقٍ أخير.
في المحطةِ ليس ثمة من يُسمى بالغريب، المحطة 'وطن يسع الجميع'.
طوبى للمحطات، فيها يتساوى الكُل في ذلك الشعور ما بين الغُربةِ والانتماء.
المحطات دائمة الانتظار، ولا تُنتظر
مشكلة المحطات منذ الأزل أنها دائماً هُنا لأجلهم؛ وهم هنا لأجلِ غيرها
المحطة تُغلِّف وحدتها بالانشغالِ طِوال اليوم، لتبكي -وحيدةً جداً- آخر الليل.
بؤس المحطة أنها لم تعرف معنى الرِفاق، كلهم عابرون
سعدُ المحطةِ أنها لم تعرف معنى أن تودِع رفيقاً، تراهم يبكون كل وداع لكنها لم تفهم لِمَ!
المحطة المهجورة مُبتلاة بتوقِ للأمومة، كامرأةٍ بلغت الثمانين ولم تُنجب
وحدها المحطة التي اختيرت لتكون 'دار عجزة القطارات' وجدت من يؤنس وحدتها وفهمت معنى 'رفيق'
المحطة التي اختيرت 'دار عجزة القطارات' كلما فرغت لنفسها بكت عمراً كاملاً من الوحدة، بكت المحطات التي لم ولن تعرف معنى الرِفقة
No comments:
Post a Comment