Friday, May 1, 2020

محطات

‏المحطةُ التي أُخرِجت من خارطةِ القطاراتِ دون أن يُخطرها أحد، لازالت تنتظرُ السراب.
‏لعنةُ المحطةِ المهجورة أن العامل الأخير نسيَ أن يطفىء الإنارة، لذا ظلت التفاصيلُ مضاءةً في ذاكرتها للأبد.
‏آخر العمال أغلق الباب حين غادر حابساً الريح بالخارج، فلم تعُد قادرةً على العبث بتفاصيلِ الداخل.
‏المحطات مِعطاءة، تمنح القطارات استراحة؛ زاداً جيداً؛ وأماناتٍ ثقيلة كأحلام المسافرين وقلوبِ أمهاتهم.
‏المحطات تمنح المسافرين فرصةً أخيرة للعدول وشوقاً لامُتناهياً للوصول.
‏المحطات لم ترَ بعضها البعض ومع ذلك ترسل التحايا مع القطارات.
‏أرصفةُ المحطاتِ تُميّز طعم الدموعِ، بين الحزنِ والفرح.
‏‏من لعناتِ المحطاتِ أنه لايمكن للمحطةِ أن تُحب قطاراً، فهم -القطارات- دائماً ما يرحلون
ولايمكنها أن تُحب محطة فلا أمل في أن تلتقيا يوماً.
‏لذا فحبُ المحطاتِ غيرُ مشروط؛ تُحب الراحلين، والقادمين، وأولئك الذين ولم ولن تلتقيهم.
‏الانتظار بالمحطة، ترجمةُ الحُبِ بجيمعِ لُغاتِ العالم.
‏أن تحبها، يعني أن تنتظرا القطار سوياً عندما تسافر وتتمنى لو أنه يتأخر؛ وأن تنتظرها والقطار عندما تعود وتتمنى لو أنه يُبكّر بالوصول
‏تذكّر! المحطاتُ لا تغار فلا تبخل بعناقٍ أخير.
‏في المحطةِ ليس ثمة من يُسمى بالغريب، المحطة 'وطن يسع الجميع'.
‏طوبى للمحطات، فيها يتساوى الكُل في ذلك الشعور ما بين الغُربةِ والانتماء.
‏المحطات دائمة الانتظار، ولا تُنتظر
‏مشكلة المحطات منذ الأزل أنها دائماً هُنا لأجلهم؛ وهم هنا لأجلِ غيرها
‏المحطة تُغلِّف وحدتها بالانشغالِ طِوال اليوم، لتبكي -وحيدةً جداً- آخر الليل.
‏بؤس المحطة أنها لم تعرف معنى الرِفاق، كلهم عابرون
‏سعدُ المحطةِ أنها لم تعرف معنى أن تودِع رفيقاً، تراهم يبكون كل وداع لكنها لم تفهم لِمَ!
‏المحطة المهجورة مُبتلاة بتوقِ للأمومة، كامرأةٍ بلغت الثمانين ولم تُنجب
وحدها المحطة التي اختيرت لتكون 'دار عجزة القطارات' وجدت من يؤنس وحدتها وفهمت معنى 'رفيق'
‏المحطة التي اختيرت 'دار عجزة القطارات' كلما فرغت لنفسها بكت عمراً كاملاً من الوحدة، بكت المحطات التي لم ولن تعرف معنى الرِفقة

No comments:

Post a Comment